فصل: شرح دليل من الآيات الكريمة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء «المجموعة الثانية» ***


حكم الاستماع إلى القرآن من المذياع

السؤال التاسع من الفتوى رقم ‏(‏189‏)‏‏:‏

س9‏:‏ ما حكم الاستماع إلى القرآن المذاع من الراديو‏؟‏

ج9‏:‏ الراديو‏:‏ آلة لا حكم لها في نفسها، وإنما الحكم لما يذاع بها، وإن أذيع من الراديو قرآن، أو بيان حق لشرائع الله، أو مواعظ ترقق القلوب، أو أخبار سياسية عادلة يعرف منها الناس أحوال العباد والبلاد؛ ليكونوا على بينة من أمرهم ومما يراد بهم، وليتخذوا لأنفسهم موقفا سليما ناجحا ممن يواليهم ويعاديهم، أو أذيع منه أخبار تجارية يعرف بها الناس ما ينفعهم في حياتهم وفي معاشهم، إلى غير هذا من المصالح- كان السماع خيرا، وقد يكون واجبا أحيانا‏.‏

وإن أذيع منه غناء ماجن فيه تخنث أو استهتار، أو أذيع منه أخبار سياسية كاذبة هوجاء، سداها قلب الحقائق والتلبيس على الناس، ولحمتها بهرج للتهريج وإثارة العواطف بقول الزور والإثم والبهتان، إلى مثل هذا من الرذائل- كان ما أذيع باطلا لا يليق بالمسلمين السكوت عنه ولا الاستماع له، اللهم إلا أن يكون من يستمع للأخبار الكاذبة أو الآراء المغرضة والأقوال المنحرفة ممن عندهم وعي ولهم في الأمة شأن؛ ليقوموا بكشف زائفها وبيان دخيلها، وقاية للأمة من غائلتها، وصيانة لمن يخشى عليه أن ينخدع بزخرفها‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن سليمان بن منيع

ترجمة معاني القرآن

ترجمة القرآن أو بعض آياته إلى لغة أجنبية

فتوى رقم ‏(‏833‏)‏‏:‏

س‏:‏ ترجمة القرآن أو بعض آياته إلى لغة أجنبية أو عجمية بقصد نشر الدعوة الحقة الإسلامية في بلاد غير المسلمين، هل في هذا العمل ما يخالف الشرع والدين‏؟‏

ج‏:‏ ترجمة القرآن أو بعض آياته والتعبير عن جميع المعاني المقصود إليها من ذلك غير ممكن، وترجمته أو بعضه ترجمة حرفية غير جائزة؛ لما فيها من إحالة المعاني وتحريفها، أما ترجمة الإنسان ما فهمه من معنى آية أو أكثر وتعبيره عما فهمه من أحكامه وآدابه بلغة إنجليزية أو فرنسية أو فارسية مثلا لينشر ما فهمه من القرآن ويدعو الناس إليه فهو جائز، كما يفسر الإنسان ما فهمه من القرآن أو آيات منه باللغة العربية، وذلك بشرط أن يكون أهلا لتفسير القرآن وعنده قدرة على التعبير عما فهمه من الأحكام والآداب بدقة، فمن لم تكن لديه وسائل تعينه على فهم القرآن، أو لم يكن لديه اقتدار على التعبير عنه بلغة عربية أو غير عربية تعبيرا دقيقا فلا يجوز له التعرض لذلك؛ خشية أن يحرف كتاب الله عن مواضعه، فينعكس عليه قصده، ويصير قصده المعروف منكرا، وإرادته الإحسان إساءة‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن سليمان بن منيع

عدم إمكان ترجمة القرآن ترجمة تماثله

السؤال الثاني من الفتوى رقم ‏(‏1601‏)‏‏:‏

س2‏:‏ هل يمكن أن يترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية مثلا ويقرؤه الكفار، والله تعالى يقول‏:‏ سورة الواقعة الآية 77 ‏{‏إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيم‏}‏ سورة الواقعة الآية 78 ‏{‏فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ‏}‏ سورة الواقعة الآية 79 ‏{‏لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ‏}‏ ومكتوب على عنوان هذا الكتاب سورة النساء الآية 126 ‏{‏وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا‏}‏ سورة النساء الآية 127 ‏{‏وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ‏}‏‏.‏

ج‏:‏ لا يمكن ترجمة القرآن ترجمة تماثله في دقة تعبيره وعلو أسلوبه وجمال سبكه وإحكام نظمه، وتقوم مقامه في إعجازه وتحقيق جميع مقاصده من إفادة الأحكام والآداب والإبانة عن العبر والمعاني الأصلية والثانوية ونحو ذلك مما هو من خواصه ومزاياه المستمدة من كمال بلاغته وفصاحته، ومن حاول ذلك فمثله كمثل من يحاول أن يصعد إلى السماء بلا أجهزة ولا سلم، أو يحاول أن يطير في الجو بلا أجنحة ولا آلات‏.‏

ويمكن أن يعبر العالم عما فهمه من معاني القرآن حسب وسعه وطاقته بلغة أخرى ليبين لأهلها ما أدركه فكره، من هداية القرآن وما استنبطه من أحكامه أو وقف عليه من عبره ومواعظه، لكن لا يعتبر شرحه لتلك بغير اللغة العربية قرآنا ولا ينزل منزلته من جميع النواحي، بل هو نظير تفسير القرآن باللغة العربية في تقريب المعاني والمساعدة على الاعتبار واستنباط الأحكام، ولا يسمى ذلك التفسير قرآنا، وعلى هذا يجوز للجنب والكفار مس ترجمة معاني القرآن بغير اللغة العربية، كما يجوز مسهم تفسيره باللغة العربية‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

ترجمة معاني القرآن تفسير له

السؤال الرابع من الفتوى رقم ‏(‏1997‏)‏‏:‏

س4‏:‏ هل من الواجب أن يحتفظ بكتاب يحتوي على القرآن المترجم إلى الفرنسية مثل المصحف الكريم، وهل يجوز القراءة في كتاب القرآن مترجما إلى غير اللغة العربية‏؟‏

ج4‏:‏ ترجمة معاني القرآن تفسيرا له، وليست قرآنا بإجماع أهل العلم ولا في حكمه، وعلى هذا لا يجوز القراءة بها في الصلاة، لا ترجمة الفاتحة وتفسيرها ولا ترجمة غير الفاتحة، ويجب أن يتعلم من القرآن باللغة العربية ما لا بد منه في عبادة الله كالفاتحة، وعلى من لا يحفظ الفاتحة بالعربية أن يحمد الله ويكبره ويسبح ويهلل حين قيامه في صلاته حتى يتعلم قراءة الفاتحة بالعربية‏.‏

وكذلك لا يجوز له أن يتعبد بتلاوة ترجمة القرآن وتفسير معانيه، وإنما يطالع ذلك ويدرسه لفهم أحكام الإسلام منه، ويطالع كتب الحديث أيضا ليعرف من ترجمتها إلى لغته أحكام الإسلام، ويتخير من كتب العقائد ما يبصره بعقيدة السلف الصالح من الصحابة، وسائر القرون الأولى التي شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بالخيرية، ويجتهد قدر استطاعته أن يتعلم اللغة العربية؛ ليتمكن من فهم نصوص الكتاب والسنة باللغة التي جاء بها‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

يقصد بترجمة القرآن ترجمة معانيه

فتوى رقم ‏(‏2792‏)‏‏:‏

س‏:‏ قرأت في ‏(‏مجلة العربي‏)‏ العدد 237 شهر شعبان لعام 1398هـ مقالا حول موضوع دراسات قرآنية، طرح جديد لمواقف المعارضة للدكتور محمد أحمد خلف الله‏.‏

الرجاء الاطلاع على المقال المذكور خاصة‏:‏ ترجمة القرآن والتي يريد منها حسب ظاهر كلامه الترجمة الحرفية، وما رأيكم في الأسباب التي أوردها ضمن مقاله في تبريره لترجمة القرآن‏؟‏

أفيدونا جزاكم الله خيرا، وجعلكم من الذائدين عن شرعه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

ج‏:‏ يتضح من مقال الدكتور المذكور أنه يريد ترجمة معاني القرآن والتعبير عنها باللغات الأخرى غير العربية، وترجمة معاني القرآن جائزة إذا فهم المعنىفهما صحيحا وعبر عنه من عالم بما يحيل المعاني باللغات الأخرى تعبيرا دقيقا يفيد المعنى المقصود من نصوص القرآن؛ وذلك أداء لواجب البلاغ لمن لا يعرف اللغة العربية‏.‏

قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله‏:‏ ‏(‏وأما مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه إذا احتيج إلى ذلك وكانت المعاني صحيحة، كمخاطبة العجم من الروم والفرس والترك بلغتهم وعرفهم فإن هذا جائز حسن للحاجة، وإنما كرهه الأئمة إذا لم يحتج إليه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم خالد بن سعيد بن العاص وكانت صغيرة ولدت بأرض الحبشة؛ لأن أباها كان من المهاجرين إليها، فقال لها‏:‏ صحيح البخاري اللباس ‏(‏5507‏)‏، سنن أبو داود اللباس ‏(‏4024‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏6/365‏)‏‏.‏ يا أم خالد، هذا سنا- والسنا بلسان الحبشة‏:‏ الحسن- لأنها كانت من أهل هذه اللغة، ولذلك يترجم القرآن والحديث لمن يحتاج إلى تفهيمه إياه بالترجمة، وكذلك يقرأ المسلم ما يحتاج إليه من كتب الأمم وكلامهم بلغتهم ويترجم بالعربية، كما أمر النبي صلي الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب اليهود ليقرأ له ويكتب له ذلك حيث لم يأتمن اليهود عليه‏.‏ أما الترجمة الصوتية فهي غير جائزة‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

مس المصحف المترجم بغير طهارة

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏2882‏)‏‏:‏

س‏:‏ بعض الناس في بلادنا يترجمون القرآن إلى لغات أخرى ويمسكونها بدون وضوء، فهل فعلتهم هذه صحيحة أو لا‏؟‏ وهل يمكن ترجمة القرآن إلى لغة أخرى‏؟‏

ج1‏:‏ نعم، يجوز ترجمة معاني القرآن بلغة غير اللغة العربية، كما يجوز تفسير معانيه باللغة العربية، ويكون ذلك بيانا للمعنى الذي فهمه المترجم من القرآن، ولا يسمى قرآنا، وعلى هذا يجوز أن يمس الإنسان ترجمة معاني القرآن بغير اللغة العربية وتفسيره بالعربية وهو غير متوضئ‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

التفسير

مقدمة في التفسير

المقصود بالمحكم والمتشابه

فتوى رقم ‏(‏11627‏)‏‏:‏

س‏:‏ ما هو المقصود بالمحكم والمتشابه في آيات القرآن الكريم‏؟‏ وكيف ندفع الإشكال الذي يورده البعض من أنه إذا كان القرآن الكريم تبيانا لكل شيء وهدى للعالمين‏؟‏ فما هو وجه التوفيق بين ذلك وبين قوله تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 7 ‏{‏وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ‏؟‏‏}‏ وما المقصود بالراسخون في العلم‏؟‏ وما الفرق بين تأويل القرآن وتفسيره‏؟‏

ج‏:‏ أولا‏:‏ يطلق الإحكام بمعنى‏:‏ الإتقان، فإحكام الكلام‏:‏ إتقانه ووضوح معناه فيتميز به الصدق من الكذب في الأخبار، والرشد من الغي في الأوامر، والقرآن كله محكم بهذا المعنى، واضح لا التباس فيه على أحد، قال الله تعالى‏:‏ سورة هود الآية 1 ‏{‏كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ‏}‏ وقال سبحانه‏:‏ سورة يونس الآية 1 ‏{‏تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ‏}‏‏.‏

ثانيا‏:‏ التشابه في الكلام يطلق على تماثله وتناسبه، بمعنى‏:‏ أنه يصدق بعضه بعضا في أوامره، فلا يأمر بشيء في موضع وينهى عنه في موضع آخر، ويصدق بعضه بعضا في أخباره، فإذا أخبر بثبوت شيء في موضع لم يخبر بنفيه في موضع آخر، والقرآن كله متشابه بهذا المعنى فلا تناقض فيه ولا اضطراب، قال الله تعالى‏:‏ سورة النساء الآية 82 ‏{‏أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا‏}‏ وقال تعالى‏:‏ سورة الزمر الآية 23 ‏{‏اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ‏}‏ الآية‏.‏ والتشابه بهذا المعنى لا ينافي الإحكام بالمعنى العام، بل يصدق كل منهما الآخر ولا يتناقضان‏.‏‏.‏

ثالثا‏:‏ التشابه بالمعنى الخاص‏:‏ هو مشابهة الشيء غيره من وجه ومخالفته له من وجه، وفي القرآن آيات متشابهات بهذا المعنى تحتمل دلالتها على ما يوافق الآيات المحكمة وتحتمل الدلالة على ما يخالفها فيلتبس المقصود منها على كثير من الناس، ومن رد المتشابهات بهذا المعنى الخاص إلى الآيات المحكمات الواضحات بنفسها تبين له المقصود من المتشابهات وتعين له وجه الصواب، ومن وقف من العلماء عند الآيات المتشابهات ولم يرجع بها إلى المحكمات الواضحات ارتكس في الباطل وضل عن سواء السبيل، كالنصارى في احتجاجهم على أن عيسى ابن الله، يقول الله تعالى فيه‏:‏ إنه كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه، وتركهم الرجوع إلى قوله تعالى في عيسى عليه السلام‏:‏ سورة الزخرف الآية 59 ‏{‏إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ‏}‏ وقوله‏:‏ سورة آل عمران الآية 59 ‏{‏إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‏}‏ وقوله سبحانه‏:‏ سورة الإخلاص الآية 1 ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ سورة الإخلاص الآية 2 ‏{‏اللَّهُ الصَّمَدُ‏}‏ سورة الإخلاص الآية 3 ‏{‏لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ‏}‏ سورة الإخلاص الآية 4 ‏{‏وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ‏}‏ وقد دل على هذا النوع من التشابه الخاص، والإحكام الخاص، وبين اختلاف الناس في موقفهم منه قوله تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 7 ‏{‏هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ‏}‏ وبهذا يعلم أن القرآن تبيان لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، ويتبين التوفيق بين النصوص، وأن الراسخين في العلم‏:‏ هم الذين يبتغون الحق فيرجعون بالمتشابه من الآيات إلى الآيات المحكمات تحكيما لها، فيزول الالتباس فيما تشابه من الآيات بالمعنى الخاص ويتعين المقصود منها، بخلاف من في قلوبهم شك وزيغ فهم الذين يركبون رؤوسهم ويتبعون أهواءهم فيقصدون إلى المتشابه من النصوص دون رجوع به إلى المحكم؛ ابتغاء الفتنة، ورغبة في التلبيس على الناس وإضلالهم عن سواء السبيل‏.‏ أما الفرق بين تأويل القرآن وتفسيره‏:‏ فتأويله قد يراد به تفسيره بكلام يشرحه ويوضح المقصود منه، ولو برده إلى المحكم منه، وعلى هذا يصح الوقف على كلمة العلم في قوله تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 7 ‏{‏وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ‏}‏ فإن الراسخين في العلم يعلمون معنى المتشابه من آيات القرآن والمقصود منها برده إلى المحكم من الآيات، ويفسرونها ويبينون معناها، فتكون الواو في قوله تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 7 والراسخون عاطفة على لفظ الجلالة‏.‏ وقد يراد بتأويل القرآن حقيقته ومآله والواقع الذي يئول إليه الكلام، كما في قوله تعالى‏:‏ سورة الأعراف الآية 53 ‏{‏هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ‏}‏ وكما ذكر تعالى في قصة يوسف- لما سجد له أبواه وإخوته- عن يوسف عليه السلام أنه قال‏:‏ سورة يوسف الآية 100 ‏{‏يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ‏}‏ فجعل عين ما وجد في الخارج تأويل رؤياه‏:‏ أي مآلها وحقيقتها التي وقعت، ومن ذلك كيفيات الصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه؛ كالاستواء في قوله تعالى‏:‏ سورة طه الآية 5 ‏{‏الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى‏}‏ وكمجيئه يوم القيامة والملائكة صفا صفا، قال الله تعالى‏:‏ سورة الفجر الآية 22 ‏{‏وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا‏}‏ فكل من معنى الاستواء والمجيء معلوم للراسخين في العلم، أما كيفية ذلك فلا يعلمها إلا الله وحده‏.‏ وعلى هذا يكون الوقوف على لفظ الجلالة في قوله سبحانه‏:‏ سورة آل عمران الآية 7 ‏{‏وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ‏}‏ وكل من القولين في الوقف الصحيح؛ لأن كلا منهما مبني على اعتبار معنى في بيان التأويل صحيح‏.‏ ومما يمثل به للتأويل بمعنى بيان المآل والحقيقة، ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده‏:‏ صحيح البخاري الأذان ‏(‏761‏)‏، صحيح مسلم الصلاة ‏(‏484‏)‏، سنن النسائي التطبيق ‏(‏1122‏)‏، سنن أبو داود الصلاة ‏(‏877‏)‏، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها ‏(‏889‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏6/190‏)‏‏.‏ سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي يتأول القرآن أحمد ‏(‏6، 43، 49، 190‏)‏، والبخاري ‏[‏فتح الباري‏]‏ برقم ‏(‏817، 4967‏)‏ ومسلم برقم ‏(‏484‏)‏‏.‏ تعني قوله تعالى‏:‏ سورة النصر الآية 3 ‏{‏فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ‏}‏ فالتأويل في كلامها بمعنى‏:‏ المآل والحقيقة التي آل إليها الكلام‏.‏ وقد يراد بتأويل القرآن ونحوه من النصوص الشرعية‏:‏ صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به، وهذا اصطلاح كثير ممن تكلم في الفقه وأصوله، وهو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات، وقد نقد شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك في آخر القاعدة الخامسة من كتاب ‏[‏التدمرية‏]‏، فليرجع إليه من أراد التوسع في الموضوع‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

تفسير القرآن بمجرد الرأي والهوى حرام

السؤال الثاني من الفتوى رقم ‏(‏5086‏)‏‏:‏

س2‏:‏ هل يصح أو يجوز للفرد أن يتكلم بما فتح الله عليه من تدبر الآيات كما يسميه بعض العلماء بـ ‏[‏لطائف التفسير‏]‏، بالرغم من أن هذا ليس مستندا لأثر موقوف على صحابي أو حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏؟‏

ج2‏:‏ يجوز لعالم بما يحيل المعاني ممن لديه معرفة باللغة العربية وبقواعد الشريعة العامة أن يفسر القرآن، مستعينا في ذلك بتفسير بعضه لبعض، وبتفسير السنة الصحيحة له وسلف الأمة المعتبرين‏.‏

أما تفسيره بمجرد الرأي والهوى فحرام؛ لما روى ابن جرير وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ أحمد في ‏[‏المسند‏]‏ ‏(‏1/ 233، 269، 323، 327‏)‏، والترمذي برقم ‏(‏2951، 2952‏)‏، والطبري في تفسيره برقم ‏(‏73، 74‏)‏‏.‏ من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

شرح دليل من الآيات الكريمة

السؤال السادس من الفتوى رقم ‏(‏7720‏)‏‏:‏

س6‏:‏ هل يجوز أن نشرح دليلا من الآيات الكريمة دون أن نذكر نص الآيات‏؟‏

ج6‏:‏ يجوز شرح الآيات وذكر معناها دون قراءة نصها إذا كان الشارح ثقة مأمونا عالما بتفسير الآيات على طريقة أهل السنة والجماعة‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

استخدام ضمير الجمع للمفرد

السؤال الثاني من الفتوى رقم ‏(‏2872‏)‏‏:‏

س2‏:‏ في بعض الآيات القرآنية يقول الله عن نفسه ‏(‏نحن‏)‏، وفي بعضها يقول‏:‏ ‏(‏هو‏)‏، أي أنه يذكر نفسه بالجمع أحيانا وبالمفرد أحيانا، فما معنى هذا‏؟‏

ج2‏:‏ من أساليب اللغة العربية أن الشخص يعبر عن نفسه بضمير نحن للتعظيم، ويذكر نفسه بضمير المتكلم الدال على المفرد كقوله‏:‏ ‏(‏أنا‏)‏، وبضمير الغيبة نحو ‏(‏هو‏)‏، وهذه الأساليب الثلاثة جاءت في القرآن، والله يخاطب العرب بلسانهم، وأما زعم النصارى أن مثل قوله سبحانه‏:‏ سورة الحجر الآية 9 ‏{‏إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ‏}‏ وما أشبهها تقتضي التثليث فهو زعم باطل، تدل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وإجماع أهل العلم والإيمان على بطلانه، مثل قوله تعالى‏:‏ سورة البقرة الآية 163 ‏{‏وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ‏}‏ وقوله سبحانه‏:‏ سورة الإخلاص الآية 1 ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ سورة الإخلاص الآية 2 ‏{‏اللَّهُ الصَّمَدُ‏}‏ إلخ السورة، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

الكتاب الأجود في التفسير

السؤال السابع من الفتوى رقم ‏(‏2677‏)‏‏:‏

س7‏:‏ ما هو الكتاب الأجود في التفسير من الكتب الموجودة حاليا وسابقا‏؟‏

ج7‏:‏ أجود كتب التفسير يختلف باختلاف طاقة القارئ ووسعه، وعلى كل حال أجودها في نفسها كتاب ‏[‏تفسير ابن جرير الطبري‏]‏، وكتاب ‏[‏تفسير ابن كثير‏]‏ ونحوهما من كتب التفسير بالأثر، فإنها أسهل تعبيرا، وأعدل في فهم المراد، وألمس لمعاني القرآن، وأقرب إلى إصابة الحق وبيان مقاصد الشريعة، مع ذكر ما يشهد لذلك من الأحاديث والآثار الثابتة، ورد المتشابه من الآيات إلى المحكم منها‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير الحروف المقطعة

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏6395‏)‏‏:‏

س1‏:‏ أرجو من سماحتكم أن تفهموني بعض معاني الآيات مثل ‏(‏حم- الم- المص- حم- عسق‏)‏، وهل تقرأ هذه عين؛ لأن المدرسين يقولون هكذا‏؟‏ وهل هي معجزة يريد الله بها إعجاز فصحاء قريش، أم لا يعلم معناها إلا الله‏؟‏

ج1‏:‏ فيه آراء للعلماء، والراجح‏:‏ أنها ذكرت هذه الحروف- والله أعلم- في أول السور التي ذكرت فيها؛ بيانا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها، وهذا هو الذي نصره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وارتضاه أبو الحجاج المزي رحمه الله‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

التفاسير العلمية

السؤال الثالث من الفتوى رقم ‏(‏9247‏)‏‏:‏

س3‏:‏ ما حكم الشرع في التفاسير التي تسمى بـ ‏(‏التفاسير العلمية‏)‏‏؟‏ وما مدى مشروعية ربط آيات القرآن ببعض الأمور العلمية التجريبية‏؟‏ فقد كثر الجدل حول هذه المسائل‏.‏

ج3‏:‏ إذا كانت من جنس التفاسير التي تفسر قوله تعالى‏:‏ سورة الأنبياء الآية 30 ‏{‏أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ‏}‏ بأن الأرض كانت متصلة بالشمس وجزءا منها، ومن شدة دوران الشمس انفصلت عنها الأرض ثم برد سطحها وبقي جوفها حارا، وصارت من الكواكب التي تدور حول الشمس‏.‏ إذا كانت التفاسير من هذا النوع فلا ينبغي التعويل ولا الاعتماد عليها‏.‏

وكذلك التفاسير التي يستدل مؤلفوها بقوله تعالى‏:‏ سورة النمل الآية 88 ‏{‏وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ‏}‏ على دوران الأرض، وذلك أن هذه التفاسير تحرف الكلم عن مواضعه، وتخضع القرآن الكريم لما يسمونه نظريات علمية، وإنما هي ظنيات أو وهميات وخيالات‏.‏

وهكذا جميع التفاسير التي تعتمد على آراء جديدة ليس لها

أصل في الكتاب والسنة ولا في كلام سلف الأمة؛ لما فيها من القول على الله بغير علم‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

مرور القارئ على آية سجدة

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏9841‏)‏‏:‏

س1‏:‏ إذا مر القارئ على آية سجدة، فهل يلزمه أن يكون على طهارة أثناء السجود أم لا‏؟‏ وهل يشرع لسجود التلاوة استقبال القبلة للقارئ وللمستمعين أم لا‏؟‏ وهل كل سجدة في القرآن يشرع فيها السجود أم أن الثابت سجدات دون سجدات‏؟‏ وما هي السجدات الثابتة والتي يشرع لها السجود‏؟‏

ج1‏:‏ أولا‏:‏ سبق أن صدر منا فتوى في سجود التلاوة برقم ‏(‏1500‏)‏ هذا نصها‏:‏ ‏(‏من أهل العلم من يرى أنه صلاة ويبني على ذلك اشتراط الطهارة واستقبال القبلة، والتكبير عند السجود وعند الرفع منه والسلام‏.‏ ومنهم من يرى أنه عبادة ولكن ليس كالصلاة، ويبني على ذلك عدم اشتراط الطهارة والتوجه إلى القبلة وغير ذلك مما سبق، وهذا القول أرجح؛ لأننا لا نعلم دليلا يدل على اشتراط الطهارة واستقبال القبلة، لكن متى تيسر استقبال القبلة حين السجود، وأن يكون على طهارة فهو أولى؛ خروجا من خلاف العلماء‏.‏

ثانيا‏:‏ أن السجدات المشروع لها السجود في القرآن الكريم أربع عشرة سجدة‏:‏ في ‏(‏آخر الأعراف‏)‏، وفي ‏(‏الرعد‏)‏، و ‏(‏النحل‏)‏، و ‏(‏بني إسرائيل‏:‏ الإسراء‏)‏، و ‏(‏مريم‏)‏، وسجدتين في ‏(‏الحج‏)‏، وسجدة في ‏(‏الفرقان‏)‏، و ‏(‏النمل‏)‏، و ‏(‏الم تنزيل‏:‏ السجدة‏)‏ وسورة ‏(‏ص‏)‏، و ‏(‏فصلت‏)‏، و ‏(‏النجم‏)‏، و ‏(‏الانشقاق‏)‏، و ‏(‏اقرأ باسم ربك‏)‏‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

تفسير سورة الفاتحة

السبع المثاني

السؤال الثالث من الفتوى رقم ‏(‏5433‏)‏‏:‏

س3‏:‏ سمعت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لغلام في المسجد‏:‏ صحيح البخاري تفسير القرآن ‏(‏4426‏)‏، سنن النسائي الافتتاح ‏(‏913‏)‏، سنن أبو داود الصلاة ‏(‏1458‏)‏، سنن ابن ماجه الأدب ‏(‏3785‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏4/211‏)‏، سنن الدارمي الصلاة ‏(‏1492‏)‏‏.‏ لأعلمك كلمة ينفعك الله بها‏"‏، فلما صلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال له الغلام‏:‏ ألا قلت‏:‏ تعلمني كلمة بعد خروجك من المسجد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏نعم، ألا وهي فاتحة الكتاب‏:‏ وهي السبع المثاني فهل هذا صحيح‏؟‏

ج3‏:‏ الحديث صحيح، ونصه‏:‏ عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال‏:‏ أحمد ‏(‏3/ 450‏)‏ و ‏(‏4/ 211‏)‏، والبخاري ‏[‏فتح الباري‏]‏ برقم ‏(‏4474، 4647، 4703، 5006‏)‏، وأبو داود برقم ‏(‏1458‏)‏، والنسائي في ‏[‏المجتبى‏]‏ برقم ‏(‏914‏)‏، وابن ماجه ‏(‏3785‏)‏‏.‏ كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه، حتى صليت ثم أتيته، فقال‏:‏ ‏"‏ما منعك أن تأتي‏؟‏‏"‏، فقلت‏:‏ يا رسول الله، إني كنت أصلي‏.‏ فقال‏:‏ ألم يقل الله‏:‏ سورة الأنفال الآية 24 ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ‏}‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج‏"‏، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج، فقلت له‏:‏ ألم تقل‏:‏ لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ سورة الفاتحة الآية 2 ‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته‏.‏ رواه البخاري وغيره‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

معنى الصراط المستقيم

السؤال الخامس من الفتوى رقم ‏(‏6304‏)‏‏:‏

س5‏:‏ قال تعالى‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم، في سورة الفاتحة سورة الفاتحة الآية 6 ‏{‏اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ‏}‏ سورة الفاتحة الآية 7 ‏{‏صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ‏}‏ آمين، أريد معرفة معنى الصراط المستقيم، ومن الذي أنعم الله عليهم بهذا الصراط، وما معنى آمين‏؟‏

ج5‏:‏ معنى الصراط المستقيم‏:‏ هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه، فقيل‏:‏ هو القرآن، وقيل‏:‏ الإسلام، وقيل‏:‏ هو النبي صلى الله عليه وسلم، والكل حق، فإنمن اتبع النبي صلي الله عليه وسلم فقد اتبع الإسلام، ومن اتبع الإسلام فقد اتبع القرآن‏.‏ والذين أنعم الله عليهم، قال ابن كثير في تفسيره‏:‏ قال الضحاك عن ابن عباس‏:‏ ‏(‏صراط الذين أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك من ملائكتك وأنبيائك والصديقين والشهداء والصالحين، وذلك نظير ما قال ربنا تعالى‏:‏ سورة النساء الآية 69 ‏{‏وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا‏}‏ ومعنى آمين‏:‏ اللهم استجب‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

كتابة البسملة في بداية كتابة أي شيء

السؤال السادس من الفتوى رقم ‏(‏9644‏)‏‏:‏

س6‏:‏ هل يجوز كتابة بسم الله الرحمن الرحيم في بداية كتابة أي شيء‏؟‏

ج6‏:‏ يسن كتابتها في بداية كتابة كل شيء له بال وأهمية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ بها كتبه، ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ الخطيب في ‏[‏الجامع‏]‏ ‏(‏2/ 128‏)‏، وابن السمعاني في ‏[‏أدب الإملاء‏]‏ ‏(‏51‏)‏، والسبكي في ‏[‏الطبقات‏]‏ ‏(‏1/ 6‏)‏ من حديث أبي هريرة، وعبد الرزاق في ‏[‏المصنف‏]‏ برقم ‏(‏20208‏)‏ من حديث رجل من الأنصار‏.‏ كل أمر ذي بال لا يبدأ ببسم الله فهو أجذم‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

اشتمال الفاتحة على أحكام كثيرة

فتوى رقم ‏(‏5658‏)‏‏:‏

س‏:‏ رجل في باكستان يسمى‏:‏ محمد أمين، يدعي أن سورة الفاتحة لا تتضمن إلا حكمين فقط، الحكم الأول‏:‏ ينتهي بقوله تعالى‏:‏ سورة الفاتحة الآية 5 ‏{‏وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏ والثاني‏:‏ بقوله‏:‏ سورة الفاتحة الآية 7 ‏{‏وَلَا الضَّالِّينَ‏}‏ الأول‏:‏ فيه بيان التوحيد، والثاني‏:‏ فيه إثبات التقليد‏.‏ فهل هذا التفسير ثبت من الرسول صلى الله عليه وسلم أو من التابعين أو من أتباعهم، وفي أي كتاب يوجد هذا التفسير‏؟‏ وإذا كان الجزء الثاني يثبت التقليد فهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم مقلدا- معاذ الله من ذلك- وهل يجوز تفسير القرآن بالقياس، وما الحكم في الرجل الذي يفسر القرآن برأيه وقياسه، هل هو مسلم أو كافر‏؟‏ والرجل يصر على هذا التفسير‏.‏ أرجو الإجابة في ضوء القرآن والسنة، جزاكم الله خيرا‏.‏

ج‏:‏ أولا‏:‏ سورة الفاتحة تشتمل على أحكام كثيرة، بل تشتمل إجمالا على جميع ما في القرآن من أحكام؛ ولذلك سميت‏:‏ أم القرآن، وسماها النبي صلى الله عليه وسلم بما سماها الله به‏:‏ القرآن العظيم، وذلك فيما رواه البخاري عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال‏:‏ صحيح البخاري تفسير القرآن ‏(‏4426‏)‏، سنن النسائي الافتتاح ‏(‏913‏)‏، سنن أبو داود الصلاة ‏(‏1458‏)‏، سنن ابن ماجه الأدب ‏(‏3785‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏4/211‏)‏، سنن الدارمي الصلاة ‏(‏1492‏)‏‏.‏ مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي فدعاني، فلم آته حتى صليت، ثم أتيت، فقال‏:‏ ‏"‏ما منعك أن تأتي‏؟‏‏"‏ فقلت‏:‏ كنت أصلي، فقال‏:‏ ‏"‏ألم يقل الله تعالى‏:‏ سورة الأنفال الآية 24 ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ‏؟‏‏}‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد‏؟‏‏"‏، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج من المسجد فذكرته، فقال‏:‏ سورة الفاتحة الآية 2 ‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته، وما رواه البخاري أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ البخاري ‏[‏فتح الباري‏]‏ برقم ‏(‏4704‏)‏، وأبو داود برقم ‏(‏1457‏)‏، والترمذي برقم ‏(‏3123‏)‏‏.‏ أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم‏.‏ لكن هذه الأحكام مع كثرتها تنقسم إلى ثلاثة أقسام كما في الحديث القدسي‏:‏ الأول‏:‏ حق محض لله، وهو ما اشتملت عليه الآيات الثلاث الأولى من توحيد الربوبية والأسماء والصفات، والثاني‏:‏ حق محض للعبد، وهو ما تضمنته الآيات‏:‏ سورة الفاتحة الآية 6 ‏{‏اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ‏}‏ سورة الفاتحة الآية 7 ‏{‏صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ‏}‏ والثالث‏:‏ يتضمن حق الله وحق العبد، وهو آية سورة الفاتحة الآية 5 ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏ وكلاهما يسمى‏:‏ توحيد العبادة، ودليل ذلك‏:‏ ما رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ أحمد ‏(‏2/ 241، 242، 285، 460‏)‏، ومسلم برقم ‏(‏395‏)‏، وأبو داود برقم ‏(‏821‏)‏، والترمذي برقم ‏(‏2953‏)‏، والنسائي ‏(‏2/ 135‏)‏، وابن ماجه برقم ‏(‏3846‏)‏، والدارقطني ‏(‏1/ 312‏)‏‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد‏:‏ سورة الفاتحة الآية 2 ‏{‏الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ قال الله‏:‏ حمدني عبدي، فإذا قال‏:‏ سورة الفاتحة الآية 3 ‏{‏الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏}‏ قال الله‏:‏ أثنى علي عبدي، فإذا قال‏:‏ سورة الفاتحة الآية 4 ‏{‏مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏}‏ قال الله‏:‏ مجدني عبدي، فإذا قال‏:‏ سورة الفاتحة الآية 5 ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏ قال الله‏:‏ هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال‏:‏ سورة الفاتحة الآية 6 ‏{‏اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ‏}‏ سورة الفاتحة الآية 7 ‏{‏صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ‏}‏ قال الله‏:‏ هذه لعبدي ولعبدي ما سأل‏.‏ وبهذا يتبين أنه مصيب في قوله‏:‏ إن أول سورة الفاتحة إلى آخر آية سورة الفاتحة الآية 5 ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏}‏ في التوحيد‏.‏‏.‏

ثانيا‏:‏ دعواه أن بقية السورة في إثبات التقليد غير صحيحة، ولم يثبت ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من الصحابة ولا التابعين- فيما نعلم- رضي الله عنهم، بل القول بدلالتها على إثبات التقليد تحريف للمراد بهذه الآيات، وقول على الله بغير علم، وإنما المراد منها تعليم العباد كيف يدعون ربهم ويطلبون منه إرشادهم إلى الطريق الحق والصراط المستقيم، وتوفيقهم لاتباعه‏:‏ عقيدة، وقولا، وعملا، وأن يجنبهم طريق من غضب الله عليهم، وهم الذين عرفوا الحق وأعرضوا عنه، كاليهود، وطريق من ضل عن الحق وعميت بصائرهم فلم يتبعوه، كالنصارى‏.‏ وبذلك يتبين أن الاستدلال بهذه الآيات على إثبات التقليد من باب التفسير بمحض الرأي قول على الله بغير علم وهو حرام، قال الله تعالى‏:‏ سورة الأعراف الآية 33 ‏{‏قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ‏}‏‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة البقرة

من فضائل سورة البقرة

السؤال الثاني من الفتوى رقم ‏(‏1733‏)‏

س2‏:‏ ما تقولون رحمكم الله في أنني طالعت كتابا عنوانه ‏[‏جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد‏]‏ الجزء الثاني في باب ‏(‏فضائل سور القرآن‏)‏ فوجدت ما نصه‏:‏ عن الباهلي رضي الله عنه‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏اقرأوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرؤا الزهراوين ‏[‏البقرة وسورة آل عمران‏]‏ إلى قوله‏:‏ قال معاوية‏:‏ ‏(‏بلغني أن البطلة السحرة‏)‏ أحمد ‏(‏5/ 249، 255، 257‏)‏، ومسلم برقم ‏(‏804‏)‏ من حديث أبي أمامة الباهلي‏.‏ ثم قال بعد ذلك‏:‏ زاد في رواية‏:‏ ‏"‏ما من عبد يقرأ بها في ركعة قبل أن يسجد ثم سأل الله شيئا إلا أعطاه، إن كادت لتستقصي الدين كله‏"‏‏؟‏

ج2‏:‏ هذه الزيادة ذكرها ابن الأثير في ‏[‏جامع الأصول‏]‏ 8 470، ولا نعلم لها أصلا‏.‏ قال المحشي على ‏[‏جامع الأصول‏]‏‏:‏ هذه الزيادة لم نجدها عند مسلم ولعلهامن زيادات الحميدي‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

علم الملائكة الغيب

السؤال السادس من الفتوى رقم ‏(‏5167‏)‏‏:‏

س6‏:‏ قال تعالى‏:‏ سورة البقرة الآية 30 ‏{‏وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ‏}‏ كيف عرفت الملائكة أن هذا الخليفة سيفسد في الأرض ولا يعلم الغيب إلا الله‏؟‏

ج6‏:‏ لعل الملائكة عرفت أن هذا الخليفة سيفسد في الأرض ويسفك الدماء إما بعلم خاص من الله، أو بما فهموه من الطبيعة البشرية، فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف من صلصال كالفخار، أو فهموه من الخليفة أنه الذي يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم ويردعهم من المحارم والمآثم، وقيل‏:‏ إنهم علموا ذلك من أعمال الخلق الذين كانوا في الأرض قبل آدم‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير‏:‏ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏6450‏)‏‏:‏

س1‏:‏ عندي مشكلة في تفسير آية قرآنية، وهي‏:‏ سورة البقرة الآية 41 ‏{‏وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا‏}‏ أرجو من فضيلتكم التشرف بشرحها بتفصيل‏؟‏

ج1‏:‏ قال ابن كثير رحمه الله تعالى في بيان تفسير هذه الجملة المسئول عنها‏:‏ يقول‏:‏ لا تعتاضوا عن الإيمان بآياتي وتصديق رسولي بالدنيا وشهواتها، فإنها قليلة فانية، وقال أيضا‏:‏ وفي ‏[‏ سنن أبي داود ‏]‏ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن كثير في تفسيره ‏(‏1/ 152‏)‏ ‏(‏ط الأرقم‏)‏‏.‏أبو داود برقم ‏(‏3664‏)‏، وأحمد في المسند ‏(‏5/ 338‏)‏ من حديث أبي هريرة‏.‏ من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة يوم القيامة‏.‏

فأما تعليم العلم بأجرة فإن كان قد تعين عليه فلا يجوز أن يأخذ عليه أجرة، ويجوز أن يتناول من بيت المال ما يقوم به حاله وعياله، فإن لم يحصل له منه شيء وقطعه التعليم عن التكسب فهو كما لو لم يتعين، وإذا لم يتعين عليه فإنه يجوز أن يأخذ عليه أجرة عند مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء، كما في ‏[‏صحيح البخاري ‏]‏ عن أبي سعيد في قصة اللديغ‏:‏ ‏"‏إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله‏"‏، وقوله صلى الله عليه وسلم في قصة المخطوبة‏:‏ أحمد ‏(‏5/ 336‏)‏، والبخاري ‏[‏فتح الباري‏]‏ برقم ‏(‏5149‏)‏، ومسلم ‏(‏1425‏)‏ من حديث سهل بن سعد‏.‏ زوجتكها بما معك من القرآن‏.‏

فأما حديث عبادة بن الصامت أنه علم رجلا من أهل الصفة شيئا من القرآن فأهدى له قوسا، فسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ أحمد ‏(‏5/ 324‏)‏، وأبو داود برقم ‏(‏3417‏)‏، والحاكم في ‏[‏المستدرك‏]‏ ‏(‏3/ 356‏)‏‏.‏ إن أحببت أن تطوق بقوس من نار فاقبله رواه أبو داود، وروى مثله عن أبي بن كعب مرفوعا، فإن صح إسناده فتركه محمول عند كثير من العلماء- منهم أبو عمر بن عبد البر- على أنه لما علمه لله لم يجز بعد هذا أن يعتاض عن ثواب الله بذلك القوس، فأما إذا كان من أول الأمر على التعليم بالأجرة فإنه يصح، كما في حديث اللديغ وحديث سهل في المخطوبة، والله أعلم‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

تمرد بني إسرائيل وتكبرهم

فتوى رقم ‏(‏6889‏)‏‏:‏

س‏:‏ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ أحمد ‏(‏2/ 318‏)‏، والبخاري ‏[‏فتح الباري‏]‏ برقم ‏(‏4479‏)‏، ومسلم برقم ‏(‏3015‏)‏، والطبري في التفسير برقم ‏(‏1019‏)‏‏.‏ قيل لبني إسرائيل‏:‏ ادخلوا الباب سجدا وقولوا‏:‏ حطة، فدخلوا يزحفون على أستاههم، فبدلوا وقالوا‏:‏ حطة حبة في شعرة ‏[‏صحيح البخاري ‏]‏ المجلد الثاني باب سورة البقرة الآية 58 ‏{‏وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ‏}‏ الآية ص643، قال محمد حفظ الرحمن في تصنيفه ‏[‏قصص القرآن‏]‏ الجزء الثاني صفحة 17‏:‏ أن يفهم من رواية البخاري‏:‏ أن بني إسرائيل يزحفون على أستاههم، ولكن ليس هذا مشي المتكبرين مروجا ومعقولا في العالم، بل شبههم هكذا أضحوكة للناس، فالتفسير الصحيح لعبد الله بن مسعود أنه قال‏:‏ ‏(‏إن بني إسرائيل يمشون مرحا وتبخترا رافعا برؤوسهم حين دخلوا البلد ويتحركون أستاههم ويميلون صدورهم يمينا وشمالا كما يمشون المتكبرون‏)‏، كذا في ‏[‏قصص القرآن‏]‏ لمحمد حفظ الرحمن، فماذا ترى في هذا الباب أتفسير البخاري حق أم تفسير عبد الله بن مسعود‏؟‏ فصل فيه القول بالقرآن والسنة‏.‏ فجزاكم الله عنا وعن جميع المسلمين جزاء حسنا‏.‏

ج‏:‏ أمر الله تعالى بني إسرائيل أن يدخلوا باب بيت المقدس خاشعين شكرا له تعالى، وأن يقولوا‏:‏ يا ربنا، حط عنا ذنوبنا حطا- أي‏:‏ اغفر لنا ذنوبنا مغفرة- ووعدهم سبحانه إن هم امتثلوا أمره أن يغفر لهم خطاياهم ويكفر عنهم سيئاتهم، لكنهم لم يمتثلوا أمره، بل بدلوا ما أمروا به من القول والعمل، فدخلوا يزحفون على أستاههم قائلين‏:‏ حبة في شعرة أو في شعيرة؛ تلاعبا منهم بأمر الله تعالى، وسخرية واستهزاء وتبديلا لتشريعه سبحانه قولا وعملا، بدلا من طاعته والخضوع لأوامره شكرا لنعمته، فأنزل على الذين ظلموا منهم بأسه، وأذاقهم عذابه، جزاء وفاقا بتبديلهم وتحريفهم شرعه وتمردهم عليه، كما جاء في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تفسيرا للآيتين‏:‏ سورة البقرة الآية 58 ‏{‏وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ‏}‏ سورة البقرة الآية 59 ‏{‏فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ‏}‏ وتفسيرها بما جاء في الحديث هو الصحيح؛ لأنه عن النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم، وعملهم- مع كونه سخرية واستهزاء- متضمن للتمرد على الله والاستكبار عن طاعته، وبهذا يعلم خطأ تفسير الآية بمجرد الكبر والخيلاء‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

استسقاء موسى لقومه

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏5566‏)‏‏:‏

س1‏:‏ لقد بدأت قراءة ‏[‏تفسير ابن كثير ‏]‏ الذي استقرضته من صديق لي، أقرأ التفسير لسورة البقرة الآية 60 أولا، ثم أجب عن هذا السؤال‏:‏ هل انفجار الماء ‏(‏اثنتا عشر عينا‏)‏ أثناء رحيل بني إسرائيل في التيه أربعين ‏(‏40‏)‏ عاما أو بعد فتح بيت المقدس؛ لأنه غير واضح في التفسير هو أثناء رحيلهم قبل فتح بيت المقدس أو بعد ذلك، أو هو كان حجرا طوريا يحملونه معهم حتى إذا نزلوا ضربه موسى بعصاه‏؟‏

ج1‏:‏ قال الله تعالى‏:‏ سورة البقرة الآية 60 ‏{‏وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ‏}‏ أمر الله تعالى رسوله وكليمه موسى عليه الصلاة والسلام حين استسقاه أن يضرب بعصاه الحجر، فلما ضربه انفجر منه اثنتا عشرة عينا على عدد الأسباط؛ توسعة عليهم حتى لا يتزاحموا ولا يتناحروا على الماء، فكان ذلك من الله تعالى معجزة لموسى عليه السلام ورحمة منه بموسى ومن معه من بني إسرائيل، وهذا هو مكان الحجة والتأييد وموضع النعمة والعبرة، ولم يخبرنا سبحانه عن سائر أحوال الحجر وتفصيلها، ولو كان في ذكر ذلك خير لنا لبينه الحكيم العليم وما كان ربك نسيا، ولم يثبت في تفصيل أحواله حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم، ولو كان فيه خير لأوحى به اللطيف الخبير إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ليبلغه الناس رحمة بهم، وقد نقل ابن كثير في تفسير هذه الآية عن الثوري عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال‏:‏ ‏(‏إن ضرب موسى الحجر بعصاه كان في التيه، فصار اثنتي عشرة عينا من ماء، لكل سبط منهم عين يشربون منها‏)‏، ونقل عن مجاهد نحوه راجع ‏[‏تفسير ابن كثير‏]‏ ‏(‏1/ 181‏)‏ ‏(‏ط الأرقم‏)‏‏.‏

وبالجملة فالخير للمسلم الاستغناء بما ذكر الله تعالى، أو ثبت في السنة، ولا يخوض فيما لم يثبت فيه نص من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة آل عمران

تصوير الله الخلق في الأرحام

السؤال الثاني من الفتوى رقم ‏(‏1542‏)‏‏:‏ س2‏:‏ ما تفسير هذه الآية‏:‏ سورة آل عمران الآية 6 ‏{‏هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏}‏‏؟‏

ج2‏:‏ بعد أن وصف سبحانه بأنه لا إله إلا هو الحي الذي لا يموت، وأنه القيوم بشئون عباده فلا وجود لهم ولا استقامة لأحوالهم إلا به مع غناه عنهم، وأنه العليم بكل شيء لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء أقام الدليل على ذلك بأنه وحده الذي يخلق الناس في أرحام أمهاتهم كيف يشاء على صور شتى وأحوال مختلفة من ذكر وأنثى، وحسن وقبيح، وشقي وسعيد، لا إله إلا هو له العزة وكمال القوة والغلبة، وله الحكمة البالغة في كل ما شرعه وخلقه وقضى به وقدره، ومن ذلك خلقه لعيسى وتقديره سبحانه أن تحمل به أمه بلا أب، وأن يكون آية للناس على كمال علم الله وقدرته وبالغ حكمته، كما خلق آدم من تراب وقال له‏:‏ كن فكان كما أراد الله، فلا حق لهما من العبادة، بل هو حق لرب العالمين وحده لا شريك له، لا إله إلا هو القوي الذي لا يغلب ولا يعجزه شيء، الحكيم في تدبيره، وفي خلقه وتشريعه‏.‏ وفيها الرد على النصارى القائلين بأن عيسى عليه الصلاة والسلام هو ابن الله؛ لأن الله هو الذي صوره في رحم أمه مريم، فكيف يكون ابنا له أو إلها معه‏؟‏ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

المباهلة بين الرسول والنصارى

السؤال الرابع من الفتوى رقم ‏(‏6238‏)‏‏:‏

س4‏:‏ المباهلة التي حصلت بين الرسول صلى الله عليه وسلم والنصارى في عهده والتي وردت في قوله تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 61 ‏{‏فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ‏}‏ إلى آخر الآية الكريمة، هل هي خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم‏؟‏ وإن لم تكن كذلك، فهل هي خاصة مع النصارى‏؟‏

ج4‏:‏ ليست المباهلة خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم مع النصارى، بل حكمها عام له ولأمته مع النصارى وغيرهم؛ لأن الأصل في التشريع العموم، وإن كان الذي وقع منها في زمنه صلى الله عليه وسلم في طلبه المباهلة من نصارى نجران قصة المباهلة مع نصارى نجران ذكرها الطبري في تفسيره برقم ‏(‏7161‏)‏، والبيهقي في ‏[‏الدلائل‏]‏ ‏(‏5/ 385‏)‏‏.‏ فهذه جزئية تطبيقية لمعنى الآية لا تدل على حصر الحكم فيها‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

نسخ آية‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ‏}‏‏.‏

فتوى رقم ‏(‏2537‏)‏‏:‏

س‏:‏ هل الآيتان التاليتان، الثانية ناسخة الأولى‏:‏ سورة آل عمران الآية 102 ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ‏}‏، سورة التغابن الآية 16 ‏{‏فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏}‏‏؟‏

ج‏:‏ اختلف المفسرون من الصحابة وغيرهم في الآية الأولى هل هي محكمة أو منسوخة فابن عباس ومن وافقه يقولون‏:‏ إنها محكمة، ويفسرون سورة آل عمران الآية 102 ‏{‏حَقَّ تُقَاتِهِ‏}‏ بأن يجاهدوا في سبيله حق جهاده، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ويقومون بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم انظر ‏[‏تفسير ابن جرير‏]‏ برقم ‏(‏7553‏)‏، و ‏[‏تفسير ابن كثير‏]‏ ‏(‏2/ 72‏)‏‏.‏

وذهب سعيد بن جبير وأبو العالية والربيع بن أنس وقتادة ومقاتل بن حيان وزيد بن أسلم والسدي وغيرهم إلى أنها منسوخة بقوله تعالى‏:‏ سورة التغابن الآية 16 ‏{‏فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏}‏‏.‏

والأظهر‏:‏ أنه لا نسخ في الآية، وأن تقوى الله حق تقاته يراد به ما دلت عليه الآية الأخرى، وهي قوله تعالى‏:‏ سورة التغابن الآية 16 ‏{‏فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏}‏‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير الملائكة المسومين

السؤال الرابع من الفتوى رقم ‏(‏6150‏)‏‏:‏

س4‏:‏ ما هو تفسير ‏(‏الملائكة المسومين‏)‏ الذين ورد ذكرهم في الآية ‏(‏125‏)‏ من سورة آل عمران‏؟‏

ج4‏:‏ تكلم ابن جرير وابن كثير وغيرهما من المفسرين على المراد بالملائكة المسومين، فذكر ابن جرير قراءتين في ‏(‏مسومين‏)‏ فتح الواو وكسرها، واختارقراءة الكسر، وهذا نص اختياره، قال‏:‏ ‏(‏أولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأ بكسر ‏(‏الواو‏)‏؛ لتظاهر الأخبار عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل التأويل منهم ومن التابعين بعدهم بأن الملائكة هي التي سومت أنفسها، من غير إضافة تسويمها إلى الله عز وجل أو إلى غيره من خلقه‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ انتهى المقصود‏.‏

وبعد أن ذكر ابن جرير جملة من الأقوال التي تبين العلامات التي صارت مميزة لهم قال‏:‏ قال أبو جعفر‏:‏ فهذه الأخبار التي ذكرنا بعضها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه‏:‏ تسوموا، فإن الملائكة قد تسومت، وقول أبي أسيد‏:‏ خرجت الملائكة في عمائم صفر طرحوها بين أكتافهم‏.‏ وقول من قال منهم‏:‏ ‏(‏مسومين‏)‏‏:‏ معلمين، ينبئ جميع ذلك عن صحة ما اخترنا من القراءة في ذلك، وأن التسويم كان من الملائكة بأنفسها على نحو ما قلنا في ذلك فيما مضى‏.‏ انتهى‏.‏

هذا وننصحك بالرجوع إلى كلام ابن جرير وابن كثير وغيرهما على الآيتين لمزيد الفائدة‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تطاول البعض على كتاب الله

السؤال الخامس من الفتوى رقم ‏(‏4272‏)‏‏:‏

س5‏:‏ قد يتطاول البعض على كتاب الله فيجعلون تفسير الآيات حسب أهوائهم ليضلوا الناس عن ذلك، مثال ذلك في سورة آل عمران قوله تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 191 ‏{‏الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ‏}‏ فيفسرون ذلك على الرقص في الأذكار والهيمنة ومن يتمتم بكلمات غير مفهومة ويميل يمينا ويسارا وهو يقول‏:‏ الله حي، الله حي، وهكذا وأمور أخرى، فيحللون تحديد النسل، والغناء للنساء والمدح للرسول، ويستعملون في ذلك آلات الغناء والمجون، فنريد منكم التبصير بأمور ديننا وفهمها على حق، والرد على المبتدعين على الدين والكتب الشافية بذلك‏.‏

ج5‏:‏ الطريقة السليمة لتفسير القرآن‏:‏ هي أن يفسر بالقرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، والاستعانة على ذلك بأساليب اللغة ومقاصد التشريع، وأما التفسير الذي ذكرته لقوله تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 191 ‏{‏يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ‏}‏ وأن بعض الناس يفسره بالرقص والأذكار والهمهمة ويتمتم بكلمات غير مفهومة ويميل يمينا ويسارا وهو يقول‏:‏ الله حي، مما سبق ذكره في السؤال، فهذا تفسير باطل ليس له أصل مطلقا ونوصيك بمراجعة ‏[‏تفسير ابن جرير وابن كثير والبغوي ‏]‏ وأشباهها في تفسير هذه الآية المذكورة في السؤال وأشباهها؛ لتعرف الحق في ذلك من كلام أهل التفسير المأمونين‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير آية‏:‏ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ‏}‏

السؤال الثاني من الفتوى رقم ‏(‏7929‏)‏‏:‏

س2‏:‏ قول الله تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 170 ‏{‏وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ‏}‏ ما تفسير هذه الآية الكريمة‏؟‏

ج2‏:‏ قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية‏:‏ ‏(‏وهم فرحون بما هم فيه من النعمة والغبطة، ومستبشرون بإخوانهم الذين يقتلون بعدهم في سبيل الله أنهم يقدمون عليهم، وأنهم لا يخافون مما أمامهم ولا يحزنون على ما تركوه وراءهم، نسأل الله الجنة‏)‏، وقال محمد بن إسحاق‏:‏ سورة آل عمران الآية 170 ‏{‏وَيَسْتَبْشِرُونَ‏}‏ أي‏:‏ ويسرون بلحوق من لحقهم من إخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم؛ ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله الذي أعطاهم، قال السدي‏:‏ يؤتى الشهيد بكتاب فيه‏:‏ يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا، ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا، فيسر بذلك كما يسر أهل الدنيا بغائبهم إذا قدم‏.‏

قال سعيد بن جبير‏:‏ لما دخلوا الجنة ورأوا ما فيها من الكرامة للشهداء قالوا‏:‏ يا ليت إخواننا الذين في الدنيا يعلمون ما عرفناه من الكرامة، فإذا شهدوا القتال باشروها بأنفسهم حتى يستشهدوا فيصيبوا ما أصبنا من الخير، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمرهم وما هم فيه من الكرامة، وأخبرهم- أي‏:‏ ربهم- ‏:‏ أني قد أنزلت على نبيكم وأخبرته بأمركم وما أنتم فيه فاستبشروا بذلك، فذلك قوله‏:‏ سورة آل عمران الآية 170 ‏{‏وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ‏}‏ الآية‏.‏

وقد ثبت في الصحيحين عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة السبعين من الأنصار الذين قتلوا في غداة واحدة، وقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على الذين قتلوهم ويلعنهم، قال أنس‏:‏ ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع‏:‏ ‏(‏أن بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا‏)‏‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة المائدة

تفسير الآيات 115- 119 من سورة المائدة

فتوى رقم ‏(‏2290‏)‏‏:‏

س‏:‏ أرجو التكرم بشرح الآيات من نمرة 115 إلى 119 من سورة المائدة هل هذا السؤال عندما وجه إلى سيدنا عيسى من الله سبحانه وتعالى هل كان في حياته وهو الذي جاوبه في الحال أم هذا السؤال مؤجل إلى يوم القيامة‏؟‏ عليه أرجو التكرم بشرح هذه الآيات الكريمة والرد لي كتابيا‏.‏

ج‏:‏ أولا‏:‏ اختلف المفسرون في الوقت الذي يوجه فيه هذا السؤال إلى عيسى عليه السلام‏:‏ فذهب ابن جرير ومن وافقه من المفسرين إلى أنه في الدنيا، وكان ذلك حين رفعه إلى السماء، واحتج له بمعنيين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن الكلام بلفظ الماضي‏.‏ والثاني‏:‏ قوله ‏"‏تعذبهم‏"‏ و‏"‏وإن تغفر لهم ‏"‏‏.‏ والقول الثاني‏:‏ أن هذا مما يخاطب الله به عبده ورسوله عيسى ابن مريم قائلا له يوم القيامة بحضرة من اتخذه وأمه إلهين من دون الله‏:‏ سورة المائدة الآية 116 ‏{‏يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ‏}‏ وهذا القول قال به ابن كثير ومن وافقه من المفسرين‏.‏ وعلى التفسيرين يترتب معنى قوله سبحانه عن عيسى‏:‏ سورة المائدة الآية 117 ‏{‏فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ‏}‏ الآية، فعلى القول بأن هذا السؤال وقع في الدنيا يكون المعنى‏:‏ فلما قبضتني يعني بالرفع إلى السماء، وعلى القول الثاني يكون المعنى‏:‏ فلما توفيتني بالموت‏.‏‏.‏

ثانيا‏:‏ أما تفسير الآيات فقد ذكره ابن جرير وابن كثير وغيرهما من المفسرين، فيمكنكم الرجوع إلى ذلك‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير الآية 107 من سورة المائدة

السؤالان الثالث والخامس من الفتوى رقم ‏(‏9407‏)‏‏:‏

س3‏:‏ ما تفسير هذه الآية، يقول الله في كتابه المجيد‏:‏ سورة المائدة الآية 107 ‏{‏فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا‏}‏ إلى قوله‏:‏ سورة المائدة الآية 107 ‏{‏إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ‏}‏‏؟‏

ج3‏:‏ هذه الآية تكملة للآية التي قبلها في حكم شهادة غير المسلم في الوصية في السفر، ومعنى هذه الآية‏:‏ إن اطلع وظهر أن الوصيين قد استوجبا الإثم بسبب الخيانة وأيمانهما الكاذبة فيقوم مقامهما اثنان من ورثة الميت، فيحلفان بالله أن أيمانهما أصدق من الوصيين، ثم يقضى للورثة، وبإمكانك مراجعة تفصيلية على هذه الآية في ‏[‏تفسير ابن جرير والبغوي وابن كثير ‏]‏ رحمهم الله جميعا‏.‏

س5‏:‏ ما المراد بقوله تعالى‏:‏ سورة المائدة الآية 35 ‏{‏وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ‏}‏ الآية‏؟‏

ج5‏:‏ قال الله تعالى‏:‏ سورة المائدة الآية 35 ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏}‏ أمر الله سبحانه المؤمنين بالتقوى وبطلب الوسيلة إليه والقرب منه سبحانه، بفعل الطاعات، وبجهاد الكفار لإعلاء كلمة الله؛ رجاء أن يفوزوا عند الله‏.‏

يقول الخازن في تفسيره رحمه الله‏:‏ ومجامع التكاليف محصورة في نوعين لا ثالث لهما، أحد النوعين‏:‏ ترك المنهيات وإليه الإشارة بقوله تعالى‏:‏ سورة المائدة الآية 35 ‏{‏اتَّقُوا اللَّهَ‏}‏ والثاني‏:‏ التقرب إلى الله تعالى بالطاعات، وإليه الإشارة بقوله‏:‏ سورة المائدة الآية 35 ‏{‏وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ‏}‏ والوسيلة فعيلة من وسل إليه إذا تقرب منه وإليه، وقيل معنى الوسيلة‏:‏ المحبة، أي تحببوا إلى الله عز وجل، وبهذا تعلم المراد بقوله تعالى‏:‏ سورة المائدة الآية 35 ‏{‏وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ‏}‏ وهو‏:‏ التقرب إليه بها شرع من الطاعات، كالصلاة والصوم والصدقة وأنواع الذكر، وغير ذلك‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

تفسير سورة الأنعام

هل آزر هو والد إبراهيم عليه السلام‏؟‏

فتوى رقم ‏(‏6612‏)‏‏:‏

س‏:‏ من هو أبو سيدنا إبراهيم عليه السلام‏؟‏ لأني سمعت بعض العلماء يقولون‏:‏ إن آزر ليس أبا إبراهيم الذي ولده، بل هو أخو أبيه، وقد جاء بحجة في القرآن والحديث الذي قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ خرجت من كابر إلى كابر، ولم يمسسني شيء من سفاح الجاهلية؛ ولذلك قالوا‏:‏ إن آزر ليس أبا إبراهيم؛ لأن إبراهيم من أجداد الرسول وكيف يكون أبوه كافرا، ولهذا قالوا‏:‏ إن آزر ليس أبا إبراهيم، وأما أنا وبعض إخواني طلاب سمعنا أيضا من عالم آخر يقول‏:‏ إن آزر هو أبو إبراهيم الذي ولده، وقال‏:‏ إن في القرآن آية تدل على ذلك وهي‏:‏ سورة الأنعام الآية 74 ‏{‏وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ‏}‏ ولذلك أرجو منكم بيانا واضحا لتطمئن قلوبنا؛ لأننا طلاب‏؟‏

ج‏:‏ إن الحق هو ما ذكره العالم الثاني، من أن آزر هو أبو إبراهيم، لقوله تعالى‏:‏ سورة الأنعام الآية 74 ‏{‏وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً‏}‏ وهذا نص قطعي صريح لا يحتاج إلى اجتهاد، ورجح ذلك الإمام ابن جرير وابن كثير‏.‏ أما الحديث فذكر السيوطي في ‏[‏الجامع الصغير‏]‏ عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي ولم يصبني من سفاح الجاهلية شيء رواه الطبراني في ‏[‏الأوسط‏]‏ وابن عدي، وقال الهيثمي‏:‏ فيه محمد بن جعفر بن محمد صحح له الحاكم، وقد تكلم فيه، وبقية رجاله ثقات‏.‏

فالحديث يفيد طهارة سلسلة نسبه صلى الله عليه وسلم فقط، ولم يتعرض للكفر والإسلام في آبائه، ولا يلزم من كفر آزر أن يكون نكاحه سفاحا، وعلى فرض صحة الحديث المذكور لا يلزم من كون آزر كافرا أن يكون نكاحه سفاحا‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير الآية 146 من سورة الأنعام

السؤال العاشر من الفتوى رقم ‏(‏6292‏)‏‏:‏

س10‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏:‏ سورة الأنعام الآية 146 ‏{‏وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ‏}‏ ما معنى هذه الآيات‏؟‏

ج10‏:‏ قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره‏:‏ يقول جل ذكره‏:‏ وحرمنا على اليهود كل ذي ظفر، وهو من البهائم والطير ما لم يكن مشقوق الأصابع؛ كالإبل والنعام والإوز والبط، قوله‏:‏ سورة الأنعام الآية 146 ‏{‏وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا‏}‏ أخبر سبحانه أنه حرم على اليهود من البقر والغنم شحومهما إلا ما استثناه منها مما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم، فكل شحم سوى ما استثناه الله في كتابه من البقر والغنم فإنه كان محرما عليهم‏.‏

وأما قوله تعالى‏:‏ سورة الأنعام الآية 146 ‏{‏إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا‏}‏ فإنه يعني‏:‏ إلا شحوم الجنب وما علق بالظهر، فإنها لم تحرم عليهم‏.‏

وقوله‏:‏ سورة الأنعام الآية 146 ‏{‏أَوِ الْحَوَايَا‏}‏ جمع حاوية‏:‏ وهي ما تحوى من البطن فاجتمع واستدار، وهي المباعر، وقوله تعالى‏:‏ سورة الأنعام الآية 146 ‏{‏أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ‏}‏ وإلا ما اختلط بعظم فهو لهم أيضا حلال‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

تفسير صراط الله المستقيم

السؤال الثاني من الفتوى رقم ‏(‏4933‏)‏‏:‏

س2‏:‏ ما تفسير قوله تعالى‏:‏ سورة الأنعام الآية 153 ‏{‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ‏}‏‏؟‏

ج2‏:‏ ذكر الله تعالى أصول الإسلام في الآيتين اللتين قبل هذه الآية فقال‏:‏ سورة الأنعام الآية 151 ‏{‏قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏}‏ سورة الأنعام الآية 152 ‏{‏وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ‏}‏ ثم أمر سبحانه باتباع هذه الأصول في قوله‏:‏ سورة الأنعام الآية 153 ‏{‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ‏}‏ ونهى عن اتباع السبل‏:‏ أي الطرق المخالفة لسبيله، وبين أنهم إن اتبعوا غير صراطه وهديه الذي شرعه لهم تفرقت بهم السبل وضلوا عن سواء السبيل، وقد شرح رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، فيما رواه الإمام أحمد والحاكم، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ مسند أحمد بن حنبل ‏(‏1/465‏)‏‏.‏ خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ثم قال‏:‏ ‏"‏هذا سبيل الله مستقيما‏"‏، وخط عن يمينه وشماله، ثم قال‏:‏ ‏"‏هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه‏"‏ ثم قرأ‏:‏ سورة الأنعام الآية 153 ‏{‏وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ‏}‏، وقال الحاكم‏:‏ صحيح ولم يخرجاه، رواه النسائي والترمذي عن النواس بن سمعان رضي الله عنه، وقال الترمذي‏:‏ حسن غريب‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير سورة التوبة

عدم ذكر البسملة في سورة التوبة

السؤال الثاني عشر من الفتوى رقم ‏(‏3810‏)‏‏:‏

س12‏:‏ لماذا لم تبدأ سورة التوبة بـ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏‏؟‏

ج12‏:‏ السبب في ذلك ما رواه أحمد وأهل السنن عن ابن عباس رضي الله عنه قال‏:‏ قلت لعثمان بن عفان‏:‏ أحمد ‏(‏1/ 57، 69‏)‏، وأبو داود برقم ‏(‏786، 787‏)‏، والترمذي برقم ‏(‏3086‏)‏، وقال‏:‏ هذا حديث حسن، والحاكم في ‏[‏المستدرك‏]‏ ‏(‏2/ 33‏)‏، والبيهقي في ‏[‏السنن‏]‏ ‏(‏2/ 42‏)‏، و ‏[‏الدلائل‏]‏ ‏(‏7/ 152‏)‏، وابن أبي داود في ‏[‏المصاحف‏]‏ ‏(‏2/ 39‏)‏، وعزاه صاحب ‏[‏الدر المنثور‏]‏ لابن أبي شيبة في ‏[‏المسند‏]‏ والنسائي في ‏[‏السنن الكبرى‏]‏ وابن المنذر والنحاس وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه ‏(‏3/ 207‏)‏‏.‏ ما حملكم أن عمدتم إلى ‏(‏الأنفال‏)‏ وهي من المثاني، وإلى ‏(‏براءة‏)‏ وهي من المئين فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا بينهما سطر ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ فوضعتموها في السبع الطوال، ما حملكم على ذلك‏؟‏ فقال عثمان‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب له، فيقول‏:‏ ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت ‏(‏الأنفال‏)‏ من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت ‏(‏براءة‏)‏ من آخر ما أنزل من القرآن، فكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطرا‏:‏ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ ووضعتها في السبع الطوال‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

نزلت سورة التوبة بالسيف

السؤال الثاني من الفتوى رقم ‏(‏4009‏)‏‏:‏

س2‏:‏ لماذا لم تبدأ سورة التوبة بـ‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏؟‏

ج2‏:‏ اختلف في سبب ذلك، فروى النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال‏:‏ قلت لعثمان رضي الله عنه‏:‏ سنن الترمذي تفسير القرآن ‏(‏3086‏)‏، سنن أبو داود الصلاة ‏(‏786‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏1/57‏)‏‏.‏ ما حملكم إلى أن عمدتم إلى ‏(‏الأنفال‏)‏ وهي من المثاني، وإلى ‏(‏براءة‏)‏ وهي من المئين فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا سطرا‏:‏ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏، ووضعتموها في السبع الطوال فما حملكم على ذلك‏؟‏ قال عثمان رضي الله عنه‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده يقول‏:‏ ‏"‏ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا‏"‏ وينزل عليه الآيات، فيقول‏:‏ ‏"‏ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا‏"‏، وكانت ‏(‏الأنفال‏)‏ من أوائل ما أنزل بالمدينة و ‏(‏براءة‏)‏ من آخر القرآن فكانت قصتها شبيهة بقصتها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، وطننت أنها منها، فمن ثم قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطرا‏:‏ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏‏.‏

وخرجه أبو عيسى الترمذي، وقال‏:‏ هذا حديث حسن انظر الفتوى ‏(‏3810‏)‏ ص ‏(‏222‏)‏‏.‏

وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما‏:‏ سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه‏:‏ لم لم يكتب في براءة ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان، وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان‏)‏‏.‏ وروي معناه عن المبرد، قال‏:‏ ولذلك لم يجمع بينهما فإن ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ رحمة، و ‏(‏براءة‏)‏ نزلت سخطة‏.‏ ومثله عن سفيان، قال سفيان بن عيينة‏:‏ إنما لم تكتب في صدر هذه السورة ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏؛ لأن التسمية رحمة، والرحمة أمان، وهذه السورة نزلت في المنافقين وبالسيف، ولا أمان للمنافقين أخرجه الثعلبي في تفسيره كما في ‏[‏تفسير ابن عيينة‏]‏ ‏(‏257‏)‏، وذكره القرطبي في التفسير ‏(‏8/ 63‏)‏‏.‏‏.‏

والصحيح أن التسمية لم تكتب؛ لأن جبريل عليه السلام ما نزل بها في هذه السورة، قاله القشيري كلام القرطبي عن سبب تسمية السورة في تفسيره ‏(‏8/ 61‏)‏‏.‏‏.‏ انتهى من ‏[‏تفسير القرطبي ‏]‏ لأول سورة ‏(‏براءة‏)‏ بتصرف، فارجع إليه وإلى ‏[‏تفسير ابن كثير ‏]‏ لسورة ‏(‏براءة‏)‏ إن أردت التوسع‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب رئيس اللجنة‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

ترتيب سور القرآن

السؤال الرابع من الفتوى رقم ‏(‏8885‏)‏‏:‏

س4‏:‏ سور القرآن الكريم تبدأ بـ‏:‏ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ على كل منها، ولماذا لم تبدأ سورة التوبة ببسم الله الرحمن الرحيم‏؟‏ وما سبب نزول تلك السورة‏؟‏

ج4‏:‏ سبب عدم ذكر البسملة في أول سورة التوبة؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم لم يكتبوها في أولها في المصحف الإمام، واقتدوا بأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد أخرج الترمذي في السنن بسنده، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قلت لعثمان بن عفان‏:‏ سنن الترمذي تفسير القرآن ‏(‏3086‏)‏، سنن أبو داود الصلاة ‏(‏786‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏1/57‏)‏‏.‏ ما حملكم أن عمدتم إلى ‏(‏الأنفال‏)‏ وهي من المثاني وإلى ‏(‏براءة‏)‏ وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏، ووضعتموها في السبع الطوال، ما حملكم على ذلك‏؟‏ فقال عثمان‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه شيء دعا بعض من كان يكتب فيقول‏:‏ ‏"‏ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا‏"‏، وإذا نزلت عليه الآية فيقول‏:‏ ‏"‏ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا‏"‏، وكانت ‏(‏الأنفال‏)‏ من أوائل ما أنزلت بالمدينة، وكانت ‏(‏براءة‏)‏ من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطر ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ فوضعتها في السبع الطوال‏.‏

وأما فيم نزلت سورة براءة‏؟‏ فقد ذكر ابن كثير في تفسيره‏:‏ أن أول هذه السورة نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة تبوك وهم بالحج، ثم ذكر أن المشركين يحضرون عامهم هذا الموسم على عادتهم في ذلك، وأنهم يطوفون بالبيت عراة فكره مخالطتهم وبعث أبا بكر الصديق رضي الله عنه أميرا على الحج تلك السنة؛ ليقيم للناس مناسكهم، ويعلم المشركين ألا يحجوا بعد عامهم هذا، وأن ينادي في الناس سورة التوبة الآية 1 ‏{‏بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ‏}‏ كما أنها نزلت في شأن المنافقين؛ فضيحة لهم، وكشفا لأسرارهم ‏[‏تفسير ابن كثير‏]‏ ‏(‏4/ 45‏)‏ ‏(‏ط الشعب‏)‏‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

عدم فصل التوبة بالبسملة

السؤالان الثالث والرابع من الفتوى رقم ‏(‏8941‏)‏‏:‏

س3‏:‏ في القرآن تبدأ كل سورة بـ‏:‏ ‏(‏بسم الله‏)‏ إلا سورة التوبة‏؟‏

ج3‏:‏ لم يذكر في أولها البسملة؛ لما رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي من طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال‏:‏ سنن الترمذي تفسير القرآن ‏(‏3086‏)‏، سنن أبو داود الصلاة ‏(‏786‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏1/57‏)‏‏.‏ قلت لعثمان بن عفان‏:‏ ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين وقرنتم بينهما، ولم تكتبوا بينهما سطر ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏ ووضعتموها في السبع الطوال، ما حملكم على ذلك‏؟‏ فقال عثمان‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من كان يكتب، فيقول‏:‏ ‏"‏ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا‏"‏، وكانت ‏(‏الأنفال‏)‏ من أول ما نزل بالمدينة وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وخشيت أنها منها، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم‏)‏، ووضعتها في السبع الطوال‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

أسباب نزول سورة التوبة

س4‏:‏ على من أنزل الله سورة التوبة، وما أسباب نزولها‏؟‏

ج4‏:‏ لم تنزل سورة ‏(‏براءة‏)‏ جملة واحدة، بل نزلت على فترات لعدة أسباب، فنزل أولها حينما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، وهم بالحج، وذكر له أن المشركين يحضرون عامهم هذا على عادتهم في ذلك، وأنهم يطوفون بالبيت عراة، وكره مخالطتهم، وبعث أبا بكر رضي الله عنه أميرا على الحج تلك السنة؛ ليقيم للناس مناسكهم، ويعلم المشركين ألا يحجوا بعد عامهم هذا، وأن ينادي فيهم‏:‏ سورة التوبة الآية 1 ‏{‏بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ‏}‏ فلما توجه إلى مكة أتبعه بعلي بن أبي طالب؛ ليكون مبلغا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكونه عصبة له‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

تفسير الآية 3 من سورة التوبة

السؤال الأول من الفتوى رقم ‏(‏7918‏)‏‏:‏

س1‏:‏ ورد في سورة التوبة قوله تعالى‏:‏ سورة التوبة الآية 3 ‏{‏وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ‏}‏ الآية، المطلوب تفسير الآية الكريمة، كيف طريقة الإعراب عند النحويين وأن يكون ضمن الجواب إعراب؛ لأنها لازم لكل إنسان لا يلم بقواعد النحو وأنا في مجال النحو مبتدئ ولا أكاد أحفظ الأجرومية، أفتونا مأجورين‏؟‏

ج1‏:‏ يقول تعالى‏:‏ سورة التوبة الآية 3 ‏{‏وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ‏}‏ أي‏:‏ إعلام وإنذار إلى الناس، سورة التوبة الآية 3 ‏{‏يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ‏}‏ الذي هو‏:‏ يوم النحر، وأفضل أيام المناسك، وأظهرهاوأكبرها، تؤدى فيه كثير من مناسك الحج من رمى جمرة العقبة، والنحر والحلق وطواف الإفاضة، مع ما يتبع ذلك من ذكر وتكبير ونحو ذلك‏.‏

وقوله‏:‏ سورة التوبة الآية 3 ‏{‏أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ أي‏:‏ أعلم الناس وأنذرهم يا محمد، أن الله بريء من المشركين، وأن رسوله كذلك بريء منهم، فرسوله في الآية‏:‏ مرفوعقطعا ونقلا عن القراء بالعطف على الضمير المستتر في ‏"‏ بريء ‏"‏ وتقديره‏:‏ ‏(‏هو‏)‏ يعود على الله سبحانه‏.‏

وهذا هو معنى ما قاله ابن كثير عن الآية ابن كثير في تفسيره ‏(‏4/ 46‏)‏ ‏(‏ط الشعب‏)‏‏.‏ وغيره من علماء التفسير‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود